إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
76249 مشاهدة print word pdf
line-top
جلد القاذف

...............................................................................


ذكر الله تعالى الحد في هذه الآيات؛ بثلاثة أشياء: أولها: الجلد، وثانيها: رد الشهادة، وثالثها: الحكم بالفسوق.
وهذه لا شك أنها عقوبات شديدة.
قد يقال: إن هذه عقوبات شديدة على شيء يسير، والجواب: أن هذا ليس شيئا يسيرا؛ بل هو أمر شديد؛ وذلك لأن الناس يغارون على محارمهم؛ يغارون على أعراضهم؛ والعرض قد يساوي النفس؛ فالذين يتهمونهم في أعراضهم لا شك أنهم يضرونهم ضررا شديدا؛ فلذلك جعل الله هذه العقوبة في هذا الحد لهذا الذنب.
أما الجلد فإنه جلد عادي، وهو أخف من جلد الزاني؛ لأن الله لم يؤكد هذا الجلد؛ لم يقل: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ قال: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ؛ فيكون الجلد جلدا عاديا؛ ليس خفيفا ولا ثقيلا، ولكنه وسط، ويكون الجلد بعصا متوسطة؛ ليست شديدة ولا خفيفة؛ بل متوسطة. وكان في حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر مرة بجلد شارب أو نحوه؛ فأتي بسوط جديد؛ فقال: دون هذا وأتي بسوط رديء؛ فقال: فوق هذا يعني: أن الجلد العادي يكون بسوط متوسط، وكان أكثر ما يجلدون بجريد النخل؛ إذا كان رطبا؛ وذلك لأنه يعتبر فيه خضرته ليكون لينا بحيث إنه ينبسط على الجلد.
ثم كما ذكرنا أنه يفرق الجلد على الجسد؛ فيجلد على الظهر جانبي الظهر، وعلى الجنبين، وعلى الفخذين والساقين والعضدين والمنكبين؛ يعني: طولا وعرضا، هذا عن الجلد في هذا الحد.

line-bottom